الأحد، 23 ديسمبر 2012

الثقافة المرفوضة


الثقافة المرفوضة
(ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون) الحجرات أية (11)
ويقول سيد البشر عليه أفضل الصلوات وازكى التسليم "ليسَ المؤمِنُ بِطَعّان ولا لعّان ولا فاحِش ولا بَذيء"
عندما يدلي الكاتب برأي في موضوع ما.. فإن هذا الرأي يحتمل الصواب كما يحتمل الخطأ.. فإن كان صواباً وأجمع القراء علي ذلك لا تكون هناك مشكلة فتجد  رد فعل مؤيداً لهذا الرأي.. وأن كان خطأ فباب المناقشة مفتوح للآراء الأخري بكل الاحترام والتقدير؛  ولكن للأسف الشديد أصبحت وسائل الاتصال الحديثه وبال علينا من ذم وقدح تجاه البشر ونشر للشائعات وترويج الاكاذيب من قبل ضعاف النفوس الرديئه ..!ممن اصيبوا بصدأ الإفلاس وطالتهم ثقافة الشتم والسب الألكتروني ونالت من توازنهم العقلي، بحيث صاروا و بسبب إفلاسهم الفكري والأدبي والثقافي وحتى الأخلاقي يلجأون إلى أساليب رخيصة في الترويج لأفكارهم المريضة والتي لا تخدم ولا تغذي إلا روح العدوانية والشر في وقت نحن أحوج فيه إلى التآزر والتآخي من أن نعادي بعضنا البعض.. ألا يعلم هؤلاء ان الله عليهم رقيب وان اللعن والسب والشتم والفحش في الكلام والطعن في الأنساب، كل ذلك ليس من شيم المتقين.
أصبحت الكلمات غير اللائقة جزءاً من القاموس اليومي لعدد غير قليل من متصفحي الفيس بوك والمواقع الالكترونية، بعد أن أصبح السب والشتم من الأمور الاعتيادية لدى الكثيرين في حياتنا اليومية سواء في الشارع أو المدرسة أو العمل.
لقد وصل مستوى التفكير غير الموزون و غير المنطقي لدى البعض إلى أدنى من الحضيض عندما يتبادلون الدعوات لنشر الحقد و العداوة تجاه من لا ينتمون لنفس الحزب أو الجماعة أو من يخالفونهم في الرأي، أن إرسال الشتائم والتي لا تندرج سوى تحت باب الضعف و قلة الحيلة و الإفلاس الأخلاقي والأدبي والثقافي وهي تعكس روح العداوة والحقد والضغينة.. للأسف يجب علينا قبل أن ندعوا إلى ثقافة الحوار يجب أن نؤسس لثقافة الإعتراف بالآخر.. صحيح كيف لنا أن نتحاور مع الآخر دون أن يكون قد إعترف بنا، أو دون أن يكون هناك خيط يربط بيننا وبينه سوى رسائل ألكترونية مسمومة..
كل فرد في العالم يكتسب ثقافته الأولى من بيته ويكون البيت حجر الأساس للفرد في تكوينه الإجتماعي فأن كان البيت هادئ يكسب الفرد صفة الهدوء ويكون لنفسه ثقافة الهدوء منذ صغره وعكس ذلك ان كان البيت فيه ضجة وعدم انتظام فأن الفرد سيكسب صفة عدم الانتظام وان كان البيت يستعمل كلمات شتم بكثرة فأكيد الفرد سيكسب صفة الشتم ويكون لديه ثقافة الشتم فيخرج للبيئة ليندمج مع اصدقاء لديهم نفس الميول وهي القاء الشتم والاستهزاء بغيرهم من الناس حتى اذا وصل الفرد الى مرحلة الدراسة العليا واصبح ذو مكانة مرموقة إلا أن تلك الصفة تبقى مخبئة في احدى الزوايا من عقله لانه اكتسبها منذ صغره ولايستطيع اخراج الشتيمة لانه لايجد الفرصة مع انه يحاول ان يجد مبرر لاخراجها أو تسمح له الفرصة لان يخرجها هذه الثقافة الموجودة في بعض البيوت ماهي سببها هل هي البيئة ام هي الحالة الاقتصادية السيئة ام هو الجهل وعدم التعلم. نعم ان هذه الاسباب جميعها تخلق جو الشتم والسب والاستهزاء للآخر فالجهل سيضع الانسان بمعزل عن العلم والفهم والادراك وكسب سلوك جيد وناجح للحياة وعدم المقدرة على التأقلم في بيئة اخرى وكذلك الحالة الاقتصادية السيئة تكون سبب قوي لتغير سلوك الانسان فعندما لايجد الأب عمل أو وظيفة سيبقى في البيت ويشتم وضعه السيء ليصل الشتم الى كل شيء حتى افراد العائلة ومن خلال ذلك سيكتسب الاولاد هذا السلوك وينقلوه للشارع والبيئة مثل العدوى ولو كانت البيئة الاجتماعية شعبية اي يسكنها اناس بسطاء فممكن ان ينتقل هذا السلوك بسرعة بينهم ليصبح ثقافة دارجة بينهم ولاننسى دور التعليم لانه في المدرسة ايضا يكسب الطفل بعض من هذا السلوك عن طريق المعلم او الطلاب فالمعلم والكثير منهم يستعمل الشتم او الاهانة أو الاستهزاء لطلابه وهذا خطأ فظيع يرتكبه المعلم لانه هو الصورة الوحيدة للطالب الذي يراه كمثقف حتى تكون صورة كل مثقف امامه مشوهة. اذاً البيت هو المنبع الاول لكسب هذه الثقافة ثم الحي أو البيئة وكذلك المدرسة مكان التعليم.
 وهذا الكلام لا يشمل فقط الكتاب و إنما يشمل حتى تلك المواقع التي تروج لمثل تلك الكتابات المسمومة وتنشرها، وتسمح لنفسها أن يتحول مواقعها إلى مواقع لنشر كتابات تفتقر لأبسط شروط النشر الأدبية والثقافية وتخلوا من كل المواصفات الإنسانية والأخلاقية، وأبسط ما يقال عن تلك المواقع أنها مواقع مشبوهة لا تخدم سوى من يقف وراءها والأهداف التي أنشأت من أجلها.. للأسف أقول أن أمة يتصدرها أناس مثل هؤلاء يؤسسون لثقافة السب والشتم، هي أمة ستشقى طويلاً والخوف ليس على جيلنا وإنما على الجيل الآتي، من سيكتب لهم هذا التأريخ وكيف سيقرؤونه وماذا سيكتشفون، كما هو الخوف على أبناء هؤلاء بائعي الشتائم، كيف وعلى أية قيم ومباديء سينشؤونهم وأي مجتمع سيبنون؟؟ هذا نداء لتصحيح و إنقاذ ما يمكن إنقاذه من ثقافة وأخلاق، إن كان هناك من لا يزال يتمسك بالقيم التي علمنا إياها ديننا الحنيف..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق